Monday, December 18, 2023

حكام العالم فشلوا في وقف الحرب على غزة. ماذا عن الشعوب؟

حكام العالم بما فيهم العرب والمسلمون حائرون يفكرون ويبقبقون في جنون كيف السبيل إلى وقف العدوان على غزة. يجتمعون، يتكلمون وينددون لكنهم عاجزون عن إيقاف مجزرة إنسانية تحدث أمام أعين الجميع. مهزلة للتاريخ أن تجتمع دول العالم وتدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار ولا تنجح في ذلك. القمة العربية والإسلامية المشتركة دعت لإيقاف الحرب وتأمين ممرات إنسانية عاجلة، والجامعة العربية دعت والاتحاد الأوروبي بدوره دعا، لكن لا نعرف من يدعون؟ هل يدعون إسرائيل أم الأمم المتحدة التي بدورها تدعو أم يدعون الله كما تفعل شعوب العالم المغلوبة على أمرها.

الحقيقة أن الفاعل الوحيد الذي يمكنه إيقاف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي استعملت مؤخرا حق النقض فيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية في قطاع غزة. في الواقع شئنا أم أبينا حاليا الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتخذ القرارات وتساهم بشكل مباشر في حرب غزة. وهذا ما نعيشه على أرض الواقع وما يخجل حكام العالم من قوله وما أخبرني به السيد دييغو دي أوخيدا مستشار قسم السياسة الدولية والأمن في ديوان رئاسة الحكومة الإسبانية سنة 2008 حينما زرته في قصر الرئاسة بمدريد بمعية بعض طلبة الماستر الدولي لدراسات السلام والنزاعات والتنمية لنسلمه رسالة موقعة من طرف 63 طالبا من 40 جنسية موجهة للسيد رئيس الحكومة الاسبانية نطالبه بالتدخل لفك الحصار على غزة "لا إسبانيا ولا الاتحاد الأوروبي ولا أي بلد يمكنه أن يرفع الحصار عن غزة، من يملك القرار في الشرق الأوسط هي الولايات المتحدة الأمريكية". 

الكرامة السياسية تستوجب على حكام العالم قول الحقيقة للشعوب والاعتراف بفشلهم في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن مشروعها الفاشل ووهمها في إنشاء الشرق الأوسط الجديد والوقف الفوري للحرب على سكان غزة وعدم استعمال حق الفيتو لإطالة العدوان وقتل الأبرياء بل لوقفه وإنقاذ الإنسانية من ويلات الحروب.

ومع فشل الحكام في إحلال السلام تبقى الكلمة للشعوب، التي تعيش ويلات الحرب في فلسطين وفي مجموعة من دول العالم، والتي تشفق على حكامها وتقول لهم كفى بقبقة، كفى تنديدا وكفى قمما دون نتائج على أرض الواقع، نشكركم على مجهوداتكم ونتفهم الوضع الراهن ونعرف من يسيطر على الأمور، لذا لن نطالبكم باعتزال السياسة والدبلوماسية والحكم لأننا نعي قيمة كرسي الحكم عندكم، بل نقول لكم لتغيير الوضع الحالي والانتقال من ثقافة العنف والحرب إلى ثقافة السلام والأمن عليكم أولا الاعتراف بفشل سياستكم وإعطاء الشعوب فرصة اتخاذ القرارات وسماع صمتها عندما تقاطع وصوتها عندما تتظاهر. ولن نطالب الأمم المتحدة بتغيير دباجة ميثاقها الذي يبدأ ب"نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب" لأنها لحد الساعة ومنذ تأسيسها فشلت في إنقاذ الإنسانية من الحروب، وساهمت من خلال استعمال أعضاء مجلس الأمن الدائمين لحق الفيتو، وكلهم من المالكين للأسلحة النووية ومن الدول الأولى عالميا في إنتاج وبيع الأسلحة، في إغراق الشعوب والبشرية في ويلات الحروب، بل نقول لها إن إنقاذ البشرية من ويلات الحرب وتغيير هذا الوضع ممكن إذا كانت لدينا الرغبة واستثمرنا في السلام وفي التربية على السلام والعدالة والكرامة الإنسانية والحفاظ على البيئة والتنمية البشرية بالإضافة إلى التضييق على شركات إنتاج وبيع الأسلحة، وإعادة هيكلة وتسمية "الأمم المتحدة" لتصبح "الشعوب المتحدة" وليصبح القرار بيد الشعوب وليس الحكام وأعضاء مجلس الأمن الدائمين. بهذه الطريقة سننقذ فعلا الناشئة والأجيال المقبلة من ويلات الحرب، ومن يدري ربما تكون الحرب الحالية في غزة هي بداية الطريق لصحوة الشعوب والقضية الفلسطينية هي روح الروح وموحدة الشعوب لإحلال السلام بالعالم. 

سعيد بحاجين 
دكتور في دراسات السلام الدولية والنزاعات والتنمية، وباحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام باسبانيا.


Thursday, August 5, 2021

Humanizar la diplomacia para hacer las paces entre España y Marruecos



La historia común de España y Marruecos muestra que la proximidad geográfica no es una condena o una amenaza, sino una oportunidad y un puente que permite el encuentro entre culturas, tradiciones y religiones, que sin duda cuando se encuentran e interactúan, generan una riqueza que alimenta la civilización humana y la paz mundial.

Los dos países vecinos además de compartir una historia y un patrimonio común están llamados a participar en la construcción de puentes de encuentro, reconocimiento y entendimiento, teniendo en cuenta sus intereses y desafíos comunes, y sabiendo que todavía queda mucho trabajo por hacer para que España y Marruecos se conozcan mejor.

La crisis actual muestra que efectivamente hay mucho que hacer para que los dos países se conozcan mejor, dando importancia no solamente a los intereses políticos y económicos, sino también a los intereses humanos que comparten las dos sociedades. En una crisis como la actual y para hacer las paces entre los dos países, más que palabras se necesitan acciones que tengan como fin humanizar la diplomacia, los intereses y las relaciones bilaterales.

Humanizar la diplomacia entre los dos países es optar por una diplomacia de encuentro, diálogo y apertura hacia el otro sin prejuicios ni complejos, es hacer que la diplomacia sea más humana trabajando por la dignidad de todo ser humano, y haciendo que los ciudadanos de los dos países se sientan comprendidos, reconocidos y empoderados.

Es tiempo de entender que el conflicto actual entre los dos países es una oportunidad de cambio que permite a las dos partes crecer juntas y consolidar la confianza, la comprensión y el entendimiento entre ambas, es tiempo de agradecer a la vida que está ofreciendo a los dos vecinos la posibilidad de crear un proceso de cambio constructivo para enriquecerse y transformar sus prejuicios, malos entendidos y miedos de manera pacífica. Por lo tanto, es tiempo de humanizar el conflicto y no politizarlo teniendo en cuenta que el conflicto es inherente a las relaciones humanas y si es transformado de manera pacífica será un motor de cambio y una fuente de creación e innovación que generaría un cambio positivo y permitiría a los dos países cultivar nuevas relaciones humanas.

Sin duda, la crisis actual permitirá mejorar las relaciones bilaterales al participar en la deconstrucción de unas relaciones que estaban mal construidas y la reconstrucción de dichas relaciones sobre una base sólida, fortalecida por la confianza, la buena vecindad, el reconocimiento y el empoderamiento de los ciudadanos de ambos países.

De hecho, para reconstruir bien las relaciones deconstruidas, evitar otras crisis y prevenir otros conflictos negativos en el futuro, los dos países están llamados a tener una visión a largo plazo, creando espacios y procesos de cambio constructivo que permitirán a los ciudadanos estar preparados para afrontar juntos sus desafíos. En este sentido, y teniendo esa visión a largo plazo y de humanizar las relaciones bilaterales entre los dos países, presenté en enero 2020, a la embajada de Marruecos e España y a la embajada de España en Marruecos, el Plan Hispano-Marroquí de Educación para la Cultura de Paz, que nace de la necesidad manifestada por los dos países para mejorar sus relaciones bilaterales en todos los niveles, transformar pacíficamente sus conflictos y afrontar juntos sus desafíos contemporáneos y comunes, como la inmigración ilegal, el cambio climático, la pobreza, el terrorismo y el extremismo violento, entre otros. Asimismo, pone en valor la eficaz colaboración entre España y Marruecos en la lucha contra el terrorismo y las mafias de la inmigración ilegal y abre espacios de paz mediante la educación para consolidar y reforzar una asociación más estratégica.

El Plan que fue revisado por varios expertos internacionales y doctores en estudios de paz y conflictos, contaba con el apoyo del señor Miguel Ángel Moratinos, Alto Representante para la Alianza de Civilizaciones de las Naciones Unidas. Por lo tanto, sería interesante para hacer las paces entre los dos países, retomar esta iniciativa que reconoce que la educación es imprescindible en cualquier proyecto destinado a construir una generación capaz de enfrentarse a sus desafíos de manera pacífica, con el fin de hacer de España y Marruecos un modelo de convivencia entre las sociedades occidentales y musulmanas y un ejemplo de aplicación en el terreno de los objetivos de la Alianza de Civilizaciones de Naciones Unidas.

Said Bahajin: Doctor en estudios internacionales de Paz, Conflictos y Desarrollo e investigador en la Cátedra UNESCO de Filosofía para la Paz, Universidad Jaume I, España.

 

Wednesday, May 13, 2020

القلب والعقل معا للتغلب على تداعيات جائحة كورونا


مرت الإنسانية عبر التاريخ بعدة أزمات وتحديات صعبة منها ماتغلبت عليها ومنها مازالت لحد الساعة تواجهها كتحدي الفقر والبطالة وانعدام الأمن والمساواة والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى تلويث البيئة وتفشي الفساد وإهمال التربية والسلام والتنمية البشرية. وجاءت كورونا لتعمق جروح الإنسانية بعدما أغلقت جل دول العالم حدودها البرية والجوية، وتوقفت أغلب الشركات عن العمل، واعتمدت مجموعة من القطاعات سياسة العمل عن بعد مما أدى إلى زيادة نسبة البطالة والفقر والعنف المنهجي والثقافي في أغلب المجتمعات.

وأمام هذا الوضع أصبح لزاما على الجميع إيجاد الحلول والآليات التي ستمكن العالم من تخطي هذه المرحلة الصعبة والتغلب على الأقلية التي تريد اغتنام الفرصة لتحقيق مصالحها الشخصية. وعلما بأن المسؤول عن ايجاد الحل هو الانسان الذي ميزه الله بالعقل أي بالتفكير وبالقلب أي بالإحساس، فمن بين الآليات المهمة التي يجب اعتمادها في هذه الظروف الصعبة هي قوة الحب وقيمته في العلاقات الإنسانية وسعادة الإنسان. فأسعد وأغنى إنسان في العالم هو الذي يملك قلوب وحب الآخرين لأنه دليل على حب الله عز وجل كما جاء في الحديث، ومن يملك حب الله يملك الدنيا والآخرة، وعليه الحب هو قيمة إنسانية ونعمة نمتلكها جميعا علينا توظيفها كأداة نساعد بها المحتاجين ونقاوم بها من يريد الشر للإنسانية.

لكن الحب وحده لا يكفي لهزم من يريدون الحفاظ على مصالحهم الشخصية على حساب الإنسانية، فنحن بحاجة كذلك إلى قلوب نفقه ونعقل بها وبالتالي إلى أفكار إيجابية وبناءة قائمة على الحب تغني الإنسانية. فمنذ زمن بعيد يعيش العالم ما أسماه البعض بصراع الأفكار، واليوم والعالم يعاني من جائحة كورونا، نحن في أمس الحاجة إلى تحالف وتكامل الأفكار بل إلى أنسنة الأفكار، وأقصد هنا أن نستفيد كشعوب وعائلات وأشخاص من هذه الجائحة لإبداع أفكار تخدم استقرار وأمن الإنسانية، وتعطي قيمة للقيم والأخلاق وتسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والسعادة بين الناس.


الجميع يعلم أن جائحة كورونا هي فاصل بين زمن قد مضى وزمن مغاير على وشك البداية، وكلنا نعلم أن أصحاب المصالح الشخصية رغم قلتهم بدؤوا يخططون ويقررون مصير ومستقبل الإنسانية، بينما الأغلبية الساحقة يتفرجون وينتقدون وينتظرون ظهور القائد المخلص دون أن يساهموا في صنع القرار وكأنهم يجهلون أن العالم الآن لا يحتاج إلى قائد بل إلى قادة، فكل واحد منا يمكن أن يصبح قائدا بأفكاره وإبداعه ويساهم في القيادة الجماعية والايجابية.

حتما إذا اتحدت الشعوب والعائلات والأشخاص يمكننا أن نبدع أفكارا تغيير كل المخططات المتواجدة في الخفاء والعلن، فلا شيء مستحيل إذا استطعنا تخيله ممكنا وحاولنا تطبيقه على أرض الواقع. فالإنسان لم يبدع أكثر إلا في وقت الأزمات لأن الحاجة أم الاختراع، والقضايا الكبرى توحد الشعوب، وكلما آمن الإنسان بفكرة ما إلا وساهم في تحقيقها لأن التفكير الإيجابي والإيمان بالقدرة الإلهية وبفكرة معينة يؤدي إلى تحقيقها وإلى نتائج إيجابية كذلك. فهل نحن مستعدون لنترك بصمتنا في تاريخ الإنسانية؟ هل نحن جاهزون لنكتب التاريخ ونجعل من جائحة كورونا فرصة لخلق نظام عالمي جديد قائم على القيم الإنسانية ويستعمل أقوى سلاح في العالم وهو سلاح الحب؟ هل نستطيع إبداع نظام مالي يخدم مصلحة الجميع وليس البعض فقط؟ هل لدينا الجرأة لنقول لمن يقررون مصير الإنسانية سنحيلكم على التقاعد النسبي وسنتولى زمام الأمور؟ هل جاء وقتنا لنجعل من منظمة الأمم المتحدة فعلا منظمة عالمية تهدف إلى إحلال السلام بين شعوب العالم بدون حق فيتو للبعض؟ هي أسئلة متعددة وفرصة واحدة أمامنا لنغير مجرى التاريخ بالأفكار والحب.

نحن الآن بحاجة إلى أفكار تعتمد على الحب للناس وللطبيعة وللخالق، أفكار تفقد حكومات الظل قوتها أمام إرادة الشعوب، أفكار تجعلنا جميعا ننتصر في معركتنا ليس فقط على جائحة كورونا بل وعلى الخوف الذي يجعلنا متفرجين وغير مشاركين في تسيير العالم الذي نعيش فيه. نحتاج إلى جمع الشمل والعمل معا في أحزاب ومنظمات دولية افتراضية، وتكوين خلايا تفكير افتراضية في مجال المال والاقتصاد تضع لنا أسس نظام مالي إنساني لما بعد زمن كورونا، يقلل من البطالة والفقر في العالم ويساهم في العدالة الاجتماعية، وخلايا أخرى في مجال التربية والثقافة والفن والدبلوماسية، والتحول السلمي للنزاعات والأمن الإنساني وغيرها، لنكون فعلا صناع السلام ونترك بصمة في قلوب الآخرين وفي تاريخ الإنسانية. فلا سلام بدون عدالة اجتماعية، وتنمية اقتصادية، وحماية للبيئة، واحترام الاختلاف وإعطاء قيمة للقيم. 

سعيد بحاجين 
دكتور في دراسات السلام الدولية والنزاعات والتنمية، وباحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام باسبانيا.

Monday, May 4, 2020

كلاسيكو القوى العظمى بين الصين و الولايات المتحدة الأمريكية




جائحة كورونا أو COVID-19 هل هي مرحلة تمهيدية لإعداد الشعوب لما هو قادم وأخطر؟

المتتبعون لمباراة الكلاسيكو بين الريال مدريد وبرشلونة يعرفون أن المباراة تبدأ قبل إطلاق الحكم لصافرة البداية بعدة أسابيع، حيث يقوم الإعلام بالتحدث عن المباراة وإشعال فتيلها بين المتتبعين قبل وحتى بعد انتهائها. لكن في الغالب الإعلام يتحدث فقط عن أجواء المقابلة ونتيجتها وليس عن ملايين اليورو التي ربحها الفريقان من المباراة والملايين الأخرى التي خسرها المتفرجون بسببها.

واليوم ونحن نعيش أزمة جائحة كورونا نحس وكأننا أمام كلاسيكو بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. تحدثت الصحافة ولأشهر قبل ظهور كورونا عن الأزمة الاقتصادية بين الصين وأمريكا، وهاجم الرئيس الأمريكي دولاند ترامب نظيره الصيني معلنا عن الزيادة في الرسوم الجمركية على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 في المائة يوم 10 ماي 2019. وتعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بالرد واتخاذ تدابير مضادة، فرفعت الصين قيمة التعريفات الجمركية على منتجات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار، وكأن الدولتين كانتا تستعدان لكلاسيكو القوى العظمى، وقبل انطلاق المقابلة التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جينبينغ وسلم على بعضهما على هامش مجموعة العشرين يوم 29 يونيو واتفقا على إيجاد حلول للأزمة التجارية ولعب مقابلة في ظروف جيدة.

وفي شهر ديسمبر 2019 أعطيت الانطلاقة الرسمية للمباراة وظهرت كورونا في نصف ميدان الصين وانتقلت إلى وسط الميدان أوروبا وبعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هاجمت أمريكا الصين قائلة إن الفيروس صيني وردت الصين إن الفيروس أمريكي وأن الجيش الأمريكي هو سبب الوباء بعد مشاركته في بطولة المنتخبات العسكرية، وتدخل الحكم أقصد منظمة الصحة العالمية لتهدئة اللعب، لكن مدرب الفريق الأمريكي اتهم الحكم بالانحياز، وأوقف تمويله للمنظمة والذي يعادل 15 % من ميزانيتها. ويوم الاثنين 27 أبريل قامت الولايات المتحدة بشن هجوم مضاد وقال ترامب في مؤتمر صحفي بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستسعى للحصول على تعويض جوهري بسبب طريقة معالجة الصين للوباء العالمي، وأضاف "لسنا سعداء  بما تفعله الصين، نحن لسنا سعداء بهذا الوضع كله لأننا نعتقد انه كان يمكن إيقاف الوباء عند المصدر، وكان يمكن إيقافه بسرعة بحيث لا ينتشر حول العالم" . الرد الصيني لم يتأخر فيوم الثلاثاء 28 أبريل اتهمت الصين أمريكا بالكذب وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينغ شوانغ "ننصح السياسيين الأمريكيين في التفكير في مشاكلهم الخاصة، وبذل قصارى الجهد للسيطرة على وباء كورونا في أقرب وقت ممكن بدلا من الاستمرار في لعبة الخداع واللوم".

لكن يبقى أقوى هجوم للولايات المتحدة الأمريكية هو الهجوم الذي شنه وزير خارجيتها مايك بومبيو يوم الأحد 3 ماي 2020 حيث قال "هناك أدلة هائلة على أن هذا الوباء بدأ من هنا. قلنا منذ البداية إن هذا الفيروس نشأ في ووهان بالصين"، وأضاف "بدلا من ذلك تصرفت الصين مثل الأنظمة الاستبدادية، وحاولت إخفاء وإرباك وتوظيف منظمة الصحة العالمية كأداة للقيام بنفس الشيء.. أعتقد أن العالم كله متحد في ذلك لقد جلبت الصين هذا الفيروس إلى العالم"، حسب ما نقلته صفحة قناة CNN  بالعربية. نفس القناة نشرت على صفحتها يوم 4 ماي 2020 ما سمته بسهام الإعلام الصيني حيث ذكرت أن قناة CCTV الحكومية الصينية وجهت انتقادات لاذعة لوزير الخارجية الأمريكي واصفة إياه بصاحب "نوايا شريرة"، وقال مذيع القناة حسب الصفحة "يبدو أن وسائل السياسيين الأمريكيين لتشويه سمعة الصين قد نفذت فراحوا يكررون ادعاءاتهم الهمجية وباتوا ينشرون فكرة مضللة تفيد أن الفيروس من صنع البشر وسرب من مختبر"، وختم المذيع كلامه قائلا "إذا سمحنا لسياسيين مثل بومبيو بخداعنا، أعتقد أن عودة أمريكا كقوة عظمى مجددا مجرد مزحة".  

لحد الساعة الجميع يتحدث عن انتصار الصين في كلاسيكو القوى العظمى، بعدما تغلبت على الوباء وبدأ اقتصادها في التعافي وأبهرت الجميع بتعاونها مع مجموعة من الدول التي تعاني من الجائحة. لكن أمريكا لن ترضى بالهزيمة، وهذا هو حال الكلاسيكو وستستمر في الهجوم على مرمى الصين قصد تحقيق التعادل أو الانتصار. فلن تقبل أول قوة عسكرية في العالم بضياع مصالحها ونفوذها وهيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية على العالم، ولن تسمح للصين بالانتصار وقيادة العالم لوحدها. وبالتالي المقابلة مازلت مستمرة ومازال الجميع يراقب ويتفرج، ولا يهم من سينتصر في آخر المقابلة، لأن حال الكلاسيكو دائما ينتهي بخاسر واحد وهو المتفرج الذي خسر وقته وماله بينما ربح الفريقين الأموال واللاعبين الشهرة والغنى الفاحش. وهذا ما نعيشه في كلاسيكو القوى العظمى فالصين وأمريكا هما الفائزان في هذه المقابلة والدول الأخرى المتفرجة هي الخاسرة ماديا واقتصاديا وسياسيا.

فهل تكون جائحة كورونا فعلا لعبة صينية أمريكية للخروج من الأزمة الاقتصادية والحرب التجارية بينهما، والتي ستدفع ثمنها الدول المتفرجة التي تضرر اقتصادها وستضطر إلى الاستغاثة بالصين أو أمريكا لإعادة بناء ما دمرته جائحة كورونا؟ أم هي لعبة أمريكية بمباركة من الحلف الأطلسي للقضاء على أحلام الصين السياسية والاقتصادية؟ فالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أكبر المتضررين من جائحة كورونا، وإذا اتهموا الصين رسميا وحملوها مسؤولية ما جرى في العالم وطالبوها بالتعويض ورفضت أو عجزت عن الأداء، سيقومون بحصارها اقتصاديا وسياسيا ولا يستبعد ضربها عسكريا، لأنها سياسة تتقنها الولايات المتحدة الأمريكية. فالجميع يتذكر كيف قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتخريب اليابان واستعمال الأسلحة النووية ضدها بعدما شنت 353 طائرة يابانية هجوما مباغتا على القاعدة البحرية الأمريكية ببيرل هاربر، ودمرت 20 سفينة حربية (أغلبها كانت سفن قديمة)، وقتلت 2000 جندي أمريكي، وكيف غيرت خريطة الشرق الأوسط ودمرت أفغانستان وأسقطت طالبان ودمرت العراق وأعدمت صدام حسين بحجة محاربة الإرهاب بعد تعرضها لهجمات 11 سبتمبر 2001 التي أدت إلى تدمير مركز التجارة العالمي ووفاة 3000 شخص. واليوم وبعدما وصل عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب كورونا أزيد من 70.000 والإصابات أكثر من 1.200.000 لن يستغرب الجميع أن تلبس أمريكا مرة أخرى لباس الضحية وتستعد للرد بطريقتها المعهودة، بعدما سجلت هذا الكم الهائل من الوفيات والإصابات واحتلت المرتبة الأولى عالميا بين الدول المتضررة من جائحة كورونا. وكلما زاد عدد الوفيات والإصابات كلما زادت قوة قرع طبول الحرب، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية. 

خلاصة القول بينما الإعلام العالمي يعمل على تنويم وتخويف الشعوب يوميا بعدد المصابين والوفيات بجائحة كورونا، وتعمل الدول على تدريب مواطنيها بالبقاء في المنازل والعمل والتدريس عن بعد، هناك أمور أخرى تجري في الخفاء، وهناك أيضا استعدادات لمرحلة ما بعد كورونا وتحركات لا نسمع عنها كثيرا في وسائل الإعلام، من بينها إطلاق إيران يوم 22 أبريل لأول قمر صناعي عسكري واقتراب زوارقها من السفن الأمريكية المتواجد في الخليج العربي، بالإضافة إلى انتهاك المدمرة الصاروخية الأمريكية المياه الإقليمية الصينية يوم 28 أبريل وتدخل جيش التحرير الشعبي الصيني لطردها كما جاء على لسان الكولونيل لي هوامين المتحدث باسم القيادة الجنوبية للجيش الصيني، دون أن ننسى تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا يوم 29 أبريل بأن موسكو سترد نوويا على أي هجوم صاروخي من الغواصات الأمريكية. وهي كلها مؤشرات على أزمة ليست فقط اقتصادية بل سياسية وربما عسكرية سيعيشها العالم بعد جائحة كورونا.

سعيد بحاجين
دكتور في دراسات السلام الدولية والنزاعات والتنمية، وباحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام باسبانيا.

Tuesday, September 4, 2018

التربية على السلام كأداة لمعالجة ظاهرة العنف في المجتمع المغربي



تنامي ظاهرة العنف في المغرب وتفشي جرائم القتل والاغتصاب والانتحار وما أصبح يعرف بالتشرميل التي نسمع ونقرأ عنها كل يوم وكأنها أحداث عادية، هو دليل عل خلل في المجتمع وفي منظومة القيم والتريبة التي فشلت في تمكين المواطن المغربي من اعتزازه بهويته وحبه لبلده وحل مشاكله ونزاعاته بطرق سلمية دون اللجوء إلى استعمال العنف. الأمر لا يتعلق بظاهرة عابرة ويمكن مواجهتها ومعالجتها باستعمال المقاربة الأمنية وتحميل الأجهزة الأمنية المسؤولية للحد منها، بل بظاهرة تعكس ثقافة العنف الموجودة في المجتمع والناجمة عن أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية، وبالأساس إلى انعدام ثقافة السلام، فكلما انتشرت ثقافة السلام في مجتمع ما كلما قلت ثقافة العنف به والعكس صحيح.

علينا أن نفهم أن العنف ليس عنصرا أساسيا في التكوين البيولوجي للإنسان، لا يوجد إنسان عنيف بالفطرة كما أكد ذلك بيان إشبيلية عام 1986 الذي نظمته اللجنة الوطنية الإسبانية لليونسكو، والذي أعلن أن العنف ليس جينيا في الطبيعة البشرية، وأن العقل البشري ليس عنيفا بالطبيعة، فالسلوك العدواني عند البعض هو سلوك مكتسب وليس فطريا، والعقل البشري الذي أبدع ويبدع في انتاج الحروب والعنف قادر على أن يبدع وينتج السلام والأمن والحب والوئام.

وبالتالي ثقافة العنف التي أصبحت تنخرالمجتمع المغربي، والتي وصلت إلى المؤسسات التعليمية، هي نتاج عنف مورس آنفا على المواطن المغربي داخل المدارس، والمنازل والفضاءات العمومية. نحن نحصد ما زرع أسلافنا، من يزرع الخير يجن الخير ومن يزرع العنف لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يجني السلام. ويبقى العنف الذي مارسه ويمارسه بعض المسؤولين على المواطن المغربي هو سبب العنف في المجتمع، وقمة العنف ضد المغاربة هو عدم احترام كرامتهم وتعليمهم تعليما يركز على العدل والمساواة والقيم الانسانية، ويحقق الاندماج السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ويلبي احتياجات الناس ويزرع الأمل في نفوسهم.

ولمعالجة هذه الظاهرة والحد منها يجب أن لا نركز على المقاربة الأمنية، لأن العنف لا يعالج بتاتا باستعمال العنف، بل أن نعتمد على الدراسات والأبحاث التي بدأت تدرس العنف منذ عدة سنين. ودراسات السلام التي بدأت في الثلاثينات تكلمت عن العنف المباشر كالقتل والتعذيب، والبنيوي كالظلم الإجتماعي، والاقصاء، والفقر المدقع وتجويع الشعوب، والثقافي وهو أخطرها لأنه غير ملموس ويعطي الشرعية للعنف المباشر والبنيوي بالاستعمال غير الصحيح للدين، والاديولوجية، والفن، والعلوم والتربية. ولسوء حظ المغاربة أنهم يعيشون كل أنواع العنف، ليس فقط مع الآخر بل حتى مع أنفسهم، ومع الطبيعة. حتى أصبح المواطن المغربي يمارس العنف ضد نفسه وضد الاخرين دون أن يشعر بأنه يعنف نفسه أو الآخر، بعبارة أخرى أصبحنا نعيش في المغرب تطبيعا وتعايشا مع العنف، الذي تعتبره منظمة الصحة العالمية احدى المشكلات الصحية العمومية.

المشكلة أننا في المغرب، بل في مجتمعاتنا العربية، لم نتعلم كما تعلمت المجتمعات الغربية، من خلال تاريخها المليء بالحروب، أن العنف والدمار لا يؤديان أبدا إلى السلام والأمن، وأن الطريق الأسهل لإحلال السلام هو نشر العدالة، والمساواة، والإخاء، والحرية، والحب، وثقافة السلام. 


ونظرا لكون التربية تلعب دورا هاما في ترسيخ ثقافة السلام، القائمة على مبادئ الحرية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والتسامح، والتضامن، والمشجعة على استعمال الأدوات السلمية لتحول النزاعات عوض العنف والقوة، فإن التربية على ثقافة السلام هي السبيل لتعزيز السلام في جميع تجلياته، التي تشمل علاقة الفرد بنفسه، وبأسرته، وبمجتمعه، وبخالقه، وبالآخر وبالطبيعة كذلك. وبالتالي هي تربية لا تعتمد على المعرفة فقط بل تركز كذلك على الوجدان والأحاسيس، وتهدف إلى بناء جيل قادر على التعامل بشكل خلاق وإيجابي مع تحديات العالم المعاصر، يشارك في إيجاد الحلول السلمية لنزاعاته، يفهم حقيقة ما يحدث حوله، لا يتسرع في اتخاذ القرارات، ويساهم في التغيير الإيجابي. إنها تربية تهدف إلى غرس القيم الإنسانية، ومن يرب على القيم ويستثمر في الإنسان يستثمر في السلام والأمن.

أخيرا، علينا أن نعترف أن التفاوت الاجتماعي والإقتصادي، وسوء استخدام السلطة، وإهانة المواطن المغربي وراء تفشي العنف بكل تجلياته في المجتمع، ومعالجة هذه الآفة تستدعي منا أولا إعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية بتكريم رجال ونساء التعليم، وللمؤسسة الأسرية باحترام الأباء والأمهات، وللمؤسسة السياسية بانتخاب من يخدم المصلحة العامة. ثانيا، العمل سويا على بناء مجتمع مغربي متماسك، متشبث بالقيم الانسانية، يحترم حياة وكرامة كل شخص دون تمييز أو تحيز، يرفض العنف بجميع أشكاله، يدافع عن الحوار ويساهم في الحفاظ على الطبيعة ومواردها، ولا سبيل لذلك إلا بالتربية على السلام، أي على المواطنة الحاضنة للتنوع، وعلى الوعي بقيمة الإنسان والإنسانية والقيم، وعلى استعمال الأحاسيس وحب الآخرين والوطن.

 سعيد بحاجين
 دكتور في دراسات السلام الدولية والنزاعات والتنمية، وباحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام باسبانيا.

Sunday, May 6, 2018

Partidos Políticos Internacionales


Tenemos desafíos políticos globales que requieren unas soluciones políticas concretas con una dimensión global

La intifada mundial ha comenzado con las revoluciones y las crisis económicas que han significado un despertar de la sociedad civil que durante mucho tiempo ha estado sumergida en la humillación y la explotación de algunos, que por mantener sus intereses, eran capaces de crear guerras, matar y empobrecer a los miles de millones de personas en el mundo.

Después de la caída del muro de Berlín y la desintegración de la URSS, eran muchos los que creyeron que por fin la humanidad podría vivir en paz, sin que haya guerras frías ni calientes, y sin que una cultura, ideología o país impusiera su ley a los demás. Pero esa paz universal, soñada y deseada por muchos, fue sustituida por la guerra contra el terror y el miedo al extremismo y al terrorismo universal.

Un terrorismo que nos amenaza a todos y que se alimenta de la ignorancia y del mal conocimiento del otro en algunas sociedades, y en otras, de la arrogancia y la codicia. Eso significa que en la actualidad vivimos en un mundo dividido por un muro construido por la arrogancia de unos y la ignorancia de otros, y que ha llevado a toda la humanidad a vivir momentos de grandes tensiones. Es un muro que se puede sustituir por puentes de entendimiento y reconocimiento del otro, si utilizamos nuestra imaginación para crear redes globales que tendrían como objetivo la buena gobernanza de la multiculturalidad, la diversidad religiosa y, sobre todo, de la política internacional. Es cierto que si las guerras se ganan con ideas, las paces también se pueden hacer con ideas.
De hecho, en un mundo donde los verdaderos desafíos no son culturales ni religiosos sino políticos, tenemos que pensar en vías políticas para afrontar esos desafíos que amenazan la civilización humana. Unos desafíos políticos que requieren de nosotros ampliar nuestra imaginación y buscar soluciones políticas con una dimensión global, porque en un mundo sin fronteras necesitamos una imaginación sin fronteras. Y en un mundo con una crisis económica global y conflictos que amenazan a toda la humanidad, como es el terrorismo, el mal conocimiento del otro, el paro y la pobreza, entre otros, necesitamos respuestas y programas políticos sin fronteras que gestionen los desafíos humanos a nivel global.

Por eso, es tiempo de crear partidos políticos internacionales, o al menos uno, que tendría como objetivo presentar programas políticos globales que defiendan los derechos humanos, la estabilidad económica y política, la dignidad, la justicia y la igualdad de oportunidades no sólo a nivel local sino también a nivel global. Será un partido político internacional que una a todos, los de izquierda y de derecha, los republicanos y los demócratas, los religiosos y los seglares, y que tendría como objetivos luchar por el bienestar de todos los seres humanos y por el desarrollo económico y político, no de un país en concreto, sino de toda la humanidad. Un partido que busque resolver por ejemplo el problema de la pobreza o del paro, no sólo en el país afectado, sino viendo las posibilidades y las alternativas que ofrecen otros países en el mundo.

Es obvio que con los años la gente perderá totalmente la confianza en los partidos políticos existentes y en el modelo democrático actual y buscará otras alternativas. Una de ellas sería la creación de partidos políticos internacionales, que transciendan las fronteras, y que tengan representación en diferentes países con la posibilidad de presentarse a las elecciones y trabajar con y por el pueblo utilizando una perspectiva glocal; pensando globalmente y actuando localmente. Esa sería una de las vías pacíficas que tendría la sociedad civil para participar en las decisiones que afectan al futuro de la humanidad y afrontar los desafíos políticos que amenazan la estabilidad y la paz mundial.

El mundo va cambiando con las nuevas tecnologías y las redes sociales que crean un espacio de encuentro entre personas de diferentes culturas, religiones e ideologías, y cada día nos damos cuenta de que no hay una democracia modelo, sino democracias imperfectas que podemos complementar con nuestras ideas para que cada persona pueda participar en un mundo mejor.

Por eso, es tiempo de reconocer que tenemos desafíos políticos globales que requieren unas soluciones políticas concretas con una dimensión global.

Es tiempo de reconocer que la democracia y la paz no se imponen sino que se construyen entre todos y a nivel global.

Es tiempo de fomentar un nuevo modelo de política glocal, donde partidos políticos con extensión global fomenten una democracia que facilita la participación, no solamente de unos afortunados del G7, sino también del resto de los países, los G187, en la toma de las decisiones que afectan al mundo. 

Said Bahajin
Doctor en Estudios Internacionales de Paz e Investigador en la Cátedra UNESCO de Filosofía para la Paz, Universitat Jaume I, España 

Wednesday, December 27, 2017

الحب ودوره في مواجهة التطرف العنيف في المجتمعات الإسلامية

من بين التحديات التي تواجه الإنسانية في الزمن الحاضر تحدي التطرف العنيف، الذي يقوض السلام، والأمن والاستقرارفي العالم بأسره. ولمعالجة الظروف المؤدية إلى هذه الظاهرة العالمية يجب أن نتفق جميعا على أن الإنسان لا يولد متطرفا، فالتطرف ليس فطريا في الإنسان بل هو مكتسب، وهناك عوامل متعددة تؤدي إلى التطرف في الأحاسيس والأفكار والأفعال، منها ما هو عام ويمكن أن تشترك فيها جماعة أو طائفة معينة، كالتهميش والتمييز والقمع والقهر الممارس على جماعة معينة، ومنها ما هو خاص كبعض التجارب الشخصية السلبية التي يمكن لشخص عادي المرور بها، وتؤدي إلى إحساسه بالإهانة وإلى فقدان إنسانيته، واعتناق فكر متشدد يجعله يرى في العنف الوسيلة المثلى والوحيدة لاستعادة كرامته وإنسانيته. وعليه، علينا أن نقتنع أولا أن الإنسان المتطرف ليس عدوا، بل هو إنسان يمكنه أن يصبح صديقا إذا تم الأخذ بيده ومساعدته لاستعادة كرامته، والعدول عن فكرة استعمال العنف ضد الآخرين وضد نفسه.
ولا سبيل لمواجهة ثقافة العنف والتطرف في المجتمعات الإسلامية، إلا بوقف التعامل مع الشركات العالمية التي تستثمر في الأسلحة والعنف، والاستثمار في ثقافة السلام ونشر قيم المساواة، والعدل والحرية والرحمة والسلام التي دعا إليها الإسلام. فإذا كان التطرف العنيف يحتاج إلى زعيم يحرض الناس على العنف، فالعالم لا يحتاج إلى زعيم لمواجهته لأن كل شخص يحب الناس ويعمل لخير الإنسانية هو زعيم للسلام وسفير للإسلام. وإذا كان شيوخ التطرف العنيف يرون في القتل والعنف طريقا للجنة، فالإسلام يعلمنا أن أسرع وأسهل طريق للجنة هو الحب. فحب الناس دليل على حب الله، ومن أحبه الله دخل الجنة بسلام.
وهنا يكمن دور الحب في مواجهة التطرف العنيف في المجتمعات الإسلامية، أولا لأن المسلم يسعى لحب الله، ويحرص على رضاه، ويحس ويسعد بتبادل مشاعر المحبة معه. وثانيا لأن الحب هو أنسب رد على من يدعون أن الله راض عنهم ويحب ما يقومون به من قتل وتعذيب وتهجير للأبرياء. فإذا عرفنا من يحبهم الله سنعرف ما علينا عمله لنفوز بحبه، فالحب هو دليل على الإيمان «والذين آمنوا أشد حباً لله»، وحب الله ورسوله يدخل صاحبه الجنة، فعن أنس بن مالك، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: متى الساعة يا رسول الله؟ قال ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة، ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت. وإتباع خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحمته وإحسانه هو حب لله ورسوله، والحب لا يأتي إلا بالحب كما قال تعالى «قل إن كنتم تحبون الله، فاتبعوني يحببكم الله»، ومن يحبه الله يحبه الناس جميعا، لأن الله يضع له القبول في الأرض كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.
فمن يحب الخير والسلام للإنسانية يحبه الجميع، والمتحابون في الله يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، ويغبطهم الأنبياء والشهداء لقربهم ومكانتهم من الله عز وجل كما جاء في الحديث. وعليه، فحب الله، والآخر والطبيعة هو الطريق إلى الجنة، وليس العنف والقتل والكراهية والاعتداء على الناس وظلمهم. فمن يظن أن إقامة الدين تكون بالبأس والقوة، والاعتداء على الآخر وظلمه، عليه أن يفهم قوله تعالى «وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِين» وهي أكبر صفة لا يحبها الله في عباده، ووردت ثلاث مرات في القرآن في سورة (البقرة، 190) و(المائدة، 87) و(الأعراف، 55). والاعتداء يكون باستعمال العنف المباشر كالقتل والتعذيب، أو غير المباشر كالإهانة وعدم احترام الإنسان الذي كرمه الله. ومن يعتدي على الناس فهو ظالم "وَاللّهُ لاَ يُحِبّ الظّالِمِينَ ،"ونجد هذا في كل من سورة (آل عمران، 57 و140) و(الشورى، 40). والقران يعلمنا كذلك أن الله لا يحب المستكبرين، ولا المسرفين، ولا الخائنين، ولا المفسدين "إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ"، ونشر ثقافة العنف والقتل والكراهية هو أكبر فساد في الأرض، وخيانة للأمانة التي أؤتمن عليها الإنسان وهي خلافة الرحمن في أرضه، والإحسان إلى خلقه. لذا نجد في القران أن أكثر من يحبهم الله هم المحسنون" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ". والإحسان هو إتقان العمل والقيام به على أفضل وجه، والمحسن يتقن ويحسن عمله ومعاملته مع الآخر، وقد ورد حب الله للمحسنين خمس مرات في القران (البقرة، 195) و(آل عمران، 148و134) و(المائدة، 13 و93) وجزاء الإحسان هو الإحسان مصداقا لقوله تعالى "هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ". وبالتالي، حب الله لا يناله المفسدون في الأرض الذين يعتدون ويظلمون ويقتلون الأبرياء، ويهجرون ويخرجون الناس من ديارهم، بل المحسنون والمتقون، والمقسطون، والصابرون، والتوابون، والمتطهرون، والمتوكلون كما جاء في القرآن.
هذا هو الفرق بين التطرف العنيف والإسلام الحنيف، وهذا ما يجب أن يعرفه مروجو التطرف العنيف عن الحب والجمال والإحسان، وعن دين جاء نبيه رحمة للجميع وليس فقط للمسلمين «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وعن إله رحيم يوصي عباده بالرحمة ويرحم منهم الرحماء «إنما يرحم الله من عباده الرحماء».
سعيد بحاجين
 دكتور في دراسات السلام الدولية والنزاعات والتنمية، وباحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام باسبانيا.